موسيقى

Wednesday, March 11, 2015

الوجع بيكبّر بس بيقوي



رافقني الوجع لستة عشر شهرًا.
كلُ ليلةٍ يأتي ليقضم من روحي قضمة، ويمضي ..
وكل ليلة أسأله "ليه ؟"
"أنا ما أستاهلش كل ده ! ليه ؟"
لكن لا إجابة ..
منذ متى والوجع يقدم اجابات ؟!
خاطبت الله كثيرًا، بكيت بين يديه كثيرًا.
حتى وصل الأمرُ للصراخ دون تأدب مع الحضرة الإلهية.
وأنا أكرر "ليه يارب ؟!" 
"الوجع ده ليه ؟!"
"التجربة ليه ؟! بتدخلني فيها ليه ؟!"
وأيضًا لا إجابة ..

يحدثني أصدقائي عن أن هناك "حكمة ما" من الوجع، لابد أن أعرفها يومًا.
فلا أزداد إلا حيرة، والحيرة تلقيني في أتون الغضب.
فيزداد صراخي وأن أطالب الله أن أظهر حكمتك.
فما كانت تظهر !
وأظل متأرجحة ما بين الشك والإيمان ..
غاضبة وناقمة على الدوام.

بعد ستة عشر شهرًا من الحيرة، وصلت!
" ما الحكمة من الوجع ؟" .. عرفت.
جاءت الإجابة تتهادي في كتاب !
الكتاب الذي توقفت عن قراءته الكترونيًا عند الصفحة الخمسين.
وقررت شرائه، وقد كان قرارًا موفقًا على غير عادة !

"عندما تجد القابلة أن الحبلى لا تتألم أثناء المخاض،
فإنها تعرف أن الطريق ليس سالكًا بعد لوليدها، فلن تضع وليدها إذًا،
ولكي تولد نفس جديدة، يجب أن يكون ألم،
وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتد، فالحب لا يكتمل إلا بالألم."

قواعد العشق الأربعون، ص 129، إليف شافاق.

وجعي كان حالةُ مخاضٍ طالت، طالت لأني جنين لم يكتمل بعد،
جنين متخبط، متعجل، وغاضب دائمًا وأبدًا.
عندما اكتملت، وُلدت، وصلت، وعرفت.
وكم أنا ممتنة لذلك الوجع الذي أكل روحي لآخرها، حتى تنبت لي روحٌ جديدة.
فرحةٌ أنا بهذه الروح، ومبهورة بميلادي الجديد.
مؤمنة لأقصى حد بحكمة الله، التي تتوارى عنا لحين؛ حتى ننضج، ثم تبزغ لتحضننا بنورها الدافئ.
أدركت أنا الآن أن الوجع كالنارِ للذهب، فلم أعد أقاوم !
أترك نفسي له كليةً، ليأخذ وقته ويمضي، لأتأمل نفسي بعد ذلك وقد ازددت  بريقًا.
قالت لي صديقتي يومًا: "الوجع بيكبر حقيقي، يمكن مش بنشوف ده في وقته، بس بعدين بنفهم"
صدقت ..
فقد جاء الوقت وأدركت أن "الوجع بيكبّر" لكنه أيضًا "بيقوي".







  

2 comments:

  1. حلوة كتيرة ... الحكمة هتعرفيها وقت ما تكونى مش مهتمه بيها

    ReplyDelete